في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني- إلى متى ستبقى المعاناة مستمرة؟

مع كل الأمل والترحيب بالهدنة وتمديديها يصادف اليوم ، يوما للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ونأمل من خلال تسليط الضوء في هذا اليوم على الواقع الصحي الذي لطالما نادينا بأهمية إيلائه الأولوية القصوى منذ بداية العدوان لإيماننا المطلق بأن الحفاظ على صحة الإنسان هي الأولوية القصوى، وقد تكون الأهم، وأننا على امتداد أيام العدوان والحرب المستمرة كنا ولا زلنا نشهد وضعا مأساويا شهدنا فيه تدميرا للبنية التحتية واختلالا كبيرا في كافة الخدمات الأساسية التي أدت استفحال صعوبة الوضع الصحي والإنساني، فقد دمرت المستشفيات وما آلت إليه تبعات النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، ناهيك عن نقص مياه الشرب والأغذية، وهذا كله بدوره ينعكس سلبا على صحة المواطن الذي بات يعاني جسديا ونفسيا من المجهول في هذه الحرب العبثية، وأننا في حجماعة عمان نعمد إلى استنباط الحقائق من روح الأرقام المثبته والتي باتت معروفة والتي تعبر عن حجم الخسائر والإصابات والأمراض التي بدات بالانتشار والخوف من ظهور أمراض جديدة يصعب التعامل معها في ظل هذه الظروف الصعبة التي تشكل بيئة خصبة لإنتشار الأمراض المعدية.

وقد عكست لغة الأرقام الأخيرة أهمية ضرورة التدخل لتمديد الهدنة والدعوة إلى الوقف الفوري لإطلاق النار لضمان توفير المستلزمات الطبية والحياتية من غذاء وماء، اضافة إلى التمكن من تقديم العلاج في غزة أو نقل الجرحى إلى خارجها، فقد كان تصريح مدير عام منظمة الصحة العالمية جليا وواضحا ويعبر عن مدى جدية الوضع وفظاعة الموقف فقد بين الدكتور ادهانوم تودرس بأننا بحاجة إلى وقف إطلاق نار دائم في غزة لأنه مسألة حياة أو موت بالنسبة للمدنيين العزل  مبينا 1.3 مليون شخص أن يعيش حاليا في ملاجئ وأن الإكتظاظ ونقص الغذاء والماء والصرف الصحي والنظافة الأساسية وإدارة النفايات والحصول على الأدوية يؤدي إلى ارتفاع عدد الحالات للامراض كالتهابات الجهاز التنفسي الحادة: 111,000 ،الجرب: 12000 ،القمل: 11000 ،الإسهال <5:36,000 ،الإسهال >5:39,000 ،طفح جلدي: 24000 ،القوباء: 2500 ،جدري الماء: 2500 ، اليرقان: 1,100 علاوة على كل هذا زيادة خطر تفشي الأمراض المعدية ،ونظرا للظروف المعيشية ونقص الرعاية الصحية، ونتيجة خروج  22 مستشفى من أصل 36 و32 مركز رعاية أولية من الخدمة والذي يمكن أن يؤدي إلى موت عدد أكبر من المواطنيين اضافة إلى معاناة المرضى الفلسطينيين الذين يحتاجون إلى عمليات جراحية إضافة إلى اولئك الذين يعانون من الأمراض المزمنة كمرضى غسيل الكلى وهذا بدوره مرجح له أن يقتل أكثر من القنابل، وأن التداعيات الصحية والبيئية لتراكم أكثر من 35 طنا من النفايات الصلبة في المدينة، حيث لا يمكن نقل النفايات الصلبة إلى المكب الرئيسي الواقع بالقرب من السياج الحدودي في غزة، بسبب حظر الجيش الإسرائيلي، كما وأن الوقود الذي تم تسليمه إلى مرفق المياه الرئيسي في غزة، والذي قام بدوره بتوزيعه على مرافق المياه والصرف الصحي في الجنوب للقيام بالعمليات اللازمة لتقديم الخدمات اللازمة غير كاف للاستمرارية في تقديم هذه الخدمات،  واستمر أيضا توفير المياه الصالحة للشرب في الجنوب فقط  عبر خطي أنابيب قادمين من إسرائيل،  وتتطلب تلبية احتياجات المواطنين من المياه في الشمال إعادة تشغيل محطة تحلية المياه وآبار المياه، والتي تعتمد بدورها على إجراء الإصلاحات وتوافر الوقود.

كما ولا تزال المخاوف بشأن الجفاف والأمراض المنقولة بالمياه قائمة بسبب استهلاك المياه من مصادر غير آمنة، وإننا هنا وفي ظل هذه الظروف وبمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني فإننا ندعو إلى التعامل مع الوضع الصحي الكارثي في غزة في ظل الجوع المتفاقم  وفقدان المسكن المأوى ،و التعامل مع الأمراض المزمنة التي  تفتقر للرعاية الصحية والأدوية اللازمة ، وهذا يحدث في ظل العجز عن توفير احتياجات الصحية والطبية للقطاع من قبل منظمة الصحة العالمية، وكانت قد صرحت  المتحدثة بإسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس والتي بينت حاجة منظمة الصحة العالمية الماسة في الوقت الحالي للسلام ولوقف إطلاق النار كليا لإنجاز مهامهم مبينة أن المساعدات التي تمر من معبر واحد ويتم توزيعها لا يمكن أن تفي بالحاجة، وضرورة العمل على سد ما يمكن من الاحتياجات الطبية في كامل قطاع غزة من شماله إلى جنوبه، ومن جانبنا فإننا نعود ونؤكد موقنا الواضح والثابت بضرورة وقف الحرب حتى يتسنى تقديم المساعدات الطبية العاجلة لمستحقيها في القطاع ووقف الدمار والقتل و منع انتشار الأوبئة والأمراض وتخفيف المعاناة والألم الجسدي والنفسي للمواطنيين في غزة، وهذا يحتاج منا جميعا إلى تضافر الجهود وخصوصا جهود تلك المنظمات التي تعمل في الميدان في غزة، إضافة إلى دعم كافة دول العالم الحر الآن وقبل فوات الأوان تضامنا مع الشعب الفلسطيني في يومه هذا ومحنته.