حن نستذكر ما دار في العام الفائت من احداث، والذي انتهى بإعلان نهاية حالة الطوارئ الصحية العالمية لفيروس كوفيد-19 في ايار/ مايو 2023.
اننا ندرك أن عام 2023 كان يحمل في جعبته تحديات كبيرة وصعبة لا مثيل لها بالنسبة لمنطقة شرق المتوسط والعالم اجمع، وعلى الرغم من اعلان انتهاء الجائحة في هذا العام، الا ان منطقتنا كانت قد كافحت لمواجهة سلسلة من الأزمات المعقدة التي استرعت انتباهنا ورد فعلنا المشترك.
وكنا قد شهدنا عواقب الزلازل في سوريا والمغرب وأفغانستان، بالإضافة إلى الفيضانات في ليبيا، حيث كانت هذه الازمات غير المسبوقة قد أختبرت فيها قوة صمود مجتمعاتنا و الانظمة الصحية فيها، وفي نفس العام و بشكل مأساوي تعرضت و مازالت تتعرض السودان للنزاع المسلح الشرس، مما أدى إلى التشرد و النزوح لاعداد كبيرة من مواطنيه نتيجة تزايد وتيرة الحرب المستعرة، بينما شهدنا كيف أضافت الحرب المستمرة في غزة و قسوة العدوان عليها عبئا اضافيا هائلا إلى الاعباء الكبيرة التي تعيشها المنطقة، والتي ادت جميعها الى ظهور العديد من الأوبئة وحالات الطوارئ وأحداث صعبة أخرى أبرزت الحاجة المستمرة إلى جهود إنسانية كبيرة و مستدامة كنتيجة حتمية للأزمات المختلفة، و شهدنا ايضا في منطقتنا زيادةً في عبء الأمراض غير السارية، وقضايا الصحة النفسية، والفاشيات و التسممات بانواعها المختلفة، اضافة الارتفاع الخطير في استهلاك التبغ و ممارسة التدخين في العديد من بلدان الاقليم.
و اننا لا زلنا نشاهده تسارعا في وتيرة الاحداث الماساوية في منطقة شرق المتوسط التي يسكنها أكثر من نصف مليار شخص، بما يعادل 38% من سكان العالم، والتي تستدعي توفير مساعدات إنسانية عاجلة، كنتيجة حتمية لتتابع الكوارث واستمرارها في سوريا وأفغانستان والمغرب وليبيا والقرن الإفريقي والسودان وغزة و الاراضي المحتلة و غيرها من الدول، وهذا لازال يحدث على الرغم من النداءات المستمرة بضرورة توفير مساعدات إنسانية فورية ومستدامة و دون اية عراقيل، وللاسف لا زال العنف مستمرا رغم كل النداءات، ومن منطلق المسؤولية المهنية والانسانية يحذر قادة الصحة في المؤسسات و المنظمات الدولية و الاقليمية من التصعيد المستمر، مؤكدين على إمكانية حدوث مزيدا من الخسائر و الضحايا البشرية بسبب الأمراض و سوء التغذية والتي تكون دائما أكثر واشد من القنابل تاثيرا نتيجة للظروف المعيشية الصعبة في بعض بلدان الاقليم اضافة الى الظروف غير المواتية للرعاية الصحية وعدم كفايتها بالمطلق، ويزيد من التحديات الصعبة ايضا الهجمات المستمرة على العاملين في مجال الرعاية الصحية و على المرافق الصحية نفسها، كما يحدث الآن في غزة و السودان، واننا نتطلع إلى عام 2024 بالأمل والتفاؤل، داعين بأن يكون العام الجديد أفضل من سابقه، يحمل في ثناياه الخير والسلام لسكاننا في منطقتنا و للإنسانية جمعاء إن شاء الله، وسنعمل سويا على مواجهة التحديات المحدقة بالاقليم متسلحين بالعلم و الصبر و الاصرار، و سيبقى تعاوننا ضروريًا، استراتيجيا وانسانيا.
اننا سويا نستطيع احداث تأثيرًا واقيعا على صحة ورفاهية الناس في منطقة شرق المتوسط و كذلك المساهمة بشكل فعال في الحفاظ على الامن الصحي و الحيوي العالمي.
لنعمل سويا لاحداث التغيير للأفضل
شكرًا لتفانيكم واهتمامكم الدائم لرسالتنا المشتركة.
مع خالص التحية والمحبة،
نشر هذا المقال على مواقع وكالة عكاظ الإخبارية ووكالة صوت عمّان الإخبارية