تحت شعار «الجميع من أجل الصحة، والصحة من أجل الجميع»، عقدت اجتماعات جمعية الصحة العالمية (WHA)_والتي هي هيئة صنع القرار في منظمة الصحة العالمية (WHO)_بدورتها السابعة والسبعين في العاصمة السويسرية جنيف، بحضور وفود من جميع الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية والذي يتجاوز عددها المائة وخمسين، إضافة الى مشاركة معظم المنظمات الدولية والمؤسسات الصحية العريقة لمناقشة قضايا الصحة العالمية بما فيها تحديد الأولويات وتبني القرارات والطروحات فضلا عن اقرار ميزانية منظمة الصحة العالمية وبرنامج عملها وغيرها من الأمور المالية والإدارية، وشارك الأردن في اجتماعات هذا العام من خلال وفد ترأسه معالي وزير الصحة الدكتور فراس الهواري وفريق العمل التنفيذي اضافة الى ثلة من بيوت الخبرة والتميز في المجال الصحي كالمجلس التمريضي الاردني ممثلا بقيادته.
أريد من خلال هذا المقال وضع الأمور في نصابها دون مغالاة أو تحيز، وإنما من منطلق الشعور بالواجب علي لسرد الحقائق والوقائع كما هي، وخصوصا اذا كانت هذه الحقائق نوعية تعكس حجم إنجازات عظيمة على المستوى العربي والعالمي، فما شهدناه من النشاط المميز للوفد الأردني الصحي المشارك خلال الاجتماعات هذه وغيرها من اللقاءات الجانبية يعد مثالا يحتذى به، فبداية قبيل افتتاح أعمال اجتماعات جمعية الصحة العالمية وخلال اجتماع الدورة العادية الـ 60 لمجلس وزراء الصحة العرب، تم اقرار مبادرات أردنية نوعية تمثلت في استحداث لجنة عربية للصحة المدرسية، ونظام الطبيب الزائر بين الدول العربية، ونظام التبادل التدريبي للكوادر بين الدول العربية، وتطوير تشريع عربي بشأن تنظيم الرعاية الصحية للنزلاء في المؤسسات الإصلاحية وحماية حقوقهم، وكانت هذه مقترحات منبثقة عن الاستراتيجية الوطنية التي أطلقتها وزارة الصحة والتي يتم متابعة تطبيقها ضمن آليات معتمدة واجتماعات دوريه لضمان انجازها بما يتواءم والمعاييرالدولية.
وتجلى الحضور الأردني المشرف بابهى صوره في انتخاب معالي الوزير لرئاسة اللجنة الرئيسية (ب) للجمعية _وهي لجنة من أصل لجنتين تعقدان لمناقشة مواضيع إدارية ومالية وقانونية_ ومن خلال القاء معاليه كلمه موحدة باسم مجلس وزراء الصحة العرب التي شكر فيها منظمة الصحة العالمية على جهودها في تعزيز العمل الدولي الصحي وذكرالأزمات الصحية في المنطقة العربية، بما في ذلك العدوان على غزة، وتدهور الأوضاع في السودان واليمن، والسياسات التمييزية في الجولان السوري المحتل، وأزمة اللاجئين، وأكد معاليه فيها على الدعم الكامل لحق فلسطين في الانضمام إلى الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية، مشددا في الوقت نفسه على ان الاردن التزم دوما بالواجب الانساني المتمثل في استضافة اللاجئين وبنهج شمولي نتيجة للازمات الاقليمية المتعاقبة على الرغم من شدة وطأة هذا الالتزام واثاره الصعبة على الاردن وشعبه، كما شملت الكلمة التركيز على أهمية التعاون الدولي لتحقيق التغطية الصحية الشاملة، و تناولت القضايا الصحية الملحة مثل مكافحة العدوى، والاستجابة للجوائح، وتقليل استخدام المضادات الحيوية، والاهتمام بالصحة الإنجابية، وحوسبة الخدمات الصحية، وفي هذه الكلمة سطر معاليه موقف وحنكة واحترافية في الطرح وانموذجا في تمازج الدبلوماسية الاردنية مع المواقف السياسية والانسانية المعروفة عن الاردن وقيادته.
وفي المشاركة اللافتة للوفد الأردني، كانت قد ألقت الدكتورة إلهام خريسات أمين عام وزارة الصحة الأردنية كلمة مماثلة موحدة كبيان باسم دول إقليم شرق المتوسط، أكدت من خلالها على أهمية تعزيز الصحة والعافية من خلال التزام الدول بتنفيذ توصيات تقرير المحددات الاجتماعية للصحة ومواجهة التحديات الملحة مثل سوء التغذية للأمهات والأطفال والطوارئ ودعت إلى استمرار الجهود لما بعد 2025 وتعزيز الصحة كأولوية عالمية، وأكدت في النهاية على ضرورة الالتزامات الدولية لدعم هذه الجهود على مستوى المنطقة.
لقد كان الفريق الفني الاردني في جنيف يعمل بشكل مشرف يعكس المهنية الراقية ومظهرا شيم الاردنيين من خلال الانضباط والالتزام والتميز الذي ابدوه في الطرح والمناقشة طيلة فترة انعقاد الجلسات وخلال الاجتماعات الجانبية التي تضمنت اجتماعا مع الدكتورة حنان بلخي مديرة المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في شرق المتوسط التي أثنت بدورها خلال لقائها على إنجازات الأردن الصحية التي اعتبرتها محط تقدير وخصوصا فيما يتعلق في إدارة سلاسل التوريد وتعزيز الإنتاج المحلي للأدوية والمبادرات في مجال الصحة النفسية وتوفير أدوية السرطان للمرضى الأطفال.
وعلى صعيد متصل، أقول، لا نستطيع أن نغفل احترافية الدبلوماسية الأردنية التي اظهرها فريق عمل السفارة الأردنية في جنيف، الذي عمل كادره كخلية نحل لدعم الفريق الاردني المشارك في أجندة الاجتماعات خطوة بخطوة لتحقيق النجاح المرجو في مهمته الوطنية، مظهرين وجه الاردن المشرق في المحافل الدولية وباحترافية عالية.
نشر هذا المقال أيضا في موقع عمون الاخباري https://www.ammonnews.net/article/853567