في ظل معاناة ممتدة وانتهاكات مروعة…المرأة تنكس رايات احتفالاتها في شهر أعيادها ، شهر اذار الذي يعد شهر المرأة باتت تفوح منه رائحة الحزن والالم والمعاناة، لم يعد هنالك مكان للسعادة في قلب الكثير من نساء فيً بلداننا ، ولم يعد لديهن الامل الكبير في انتهاء هذا الكابوس الممتد من الحروب والصراعات، لم تعد المراة تهتم لحجم ألمها ومعاناتها وهي ترى اعز ما لديها اما بين مقتول او مفقود او جريح، ورغم الالم والمعاناة لم يزدها إلا إرادةً وصمودا وعزماً على إتمام رسالتها التي بدأتها في تنشئة الأجيال المتتالية واصبح علاج ألمها صبرها فقط، لم تعد المراة تأبه لأنوثتها، فهذا بات اخر همها، لقد دمرت الحروب فيها روحها قبل جسدها وتركتها هائمة على وجهها دون معرفة المصير،المرأة لا تستحق من العالم كل هذه القسوة والمعاناة، ولا تستحق ان تسلب منها حقوقها قسرا، لم توجد المرأة الا لتكون العون والسند والقلب الحنون ، هي الأم التي لا تنام الا وقد اطمئنت على كل افراد عائلتها، الام التي لا تأكل الا بعد ان يشبع ابناها، المرأة الأخت و البنت والزوجة، سميها ما شئت، فهي عماد الحياة دون ادنى شك، وهي منبع السعادة ورمز العطاء، فهي لا تستحق كل هذه المعاناة في اقليم ملتهب مليء في الحروب والصراعات تعاني منه المراة من تبعات الصراعات والعنف المتولد عنها.
ان ما يحدث في غزة والسودان لامر تقشعر له الابدان، القتل والدمار صار له عنوان، الموت اصبح السمة السائدة على الحياة هناك، لم يعد هنالك امل، ولا حياة، ولا احد يستطيع ان ينكر ان المرأة هناك هي التي تعاني في الدرجة الاولى ، فهي تعاني جسديا وروحيا، تعاني كطفلة و كحامل وتعاني كمرضعة ، تتعرض للعنف الجسدي والنفسي بكل انواعه، وهي تعاني من صعوبة الحصول على الرعاية الصحية ، بما في ذلك خدمات الصحة الإنجابية و الاسرية ، مما يؤدي إلى زيادة الوفيات والمراضة الناجمة عن الأمراض التي يمكن الوقاية منها، والولادات غير الآمنة، كما وان انعدام الأمن الغذائي يمكن أن يؤدي إلى انتشار سوء التغذية بين النساء والفتيات، و معظم اللاجئين في المخيمات هم من النساء والفتيات، والذين عادة يواجهون ظروفا معيشية صعبة وانعداما للخصوصية فيها، وهذا في المجمل كله يؤدي الى فقدان المراة لابسط حقوقها وانعدام خصوصيتها.
جانب آخر من المعاناة التي تعيشها النساء في قطاع غزة في ظل العدوان الغاشم تشير التقديرات إلى وجود 50,000 امرأة حامل في غزة، و180 عملية ولادة كل يوم. حيث تلد على قارعة الطريق و مراكز الايواء ويمُنع عنها الماء والدواء، في جريمة من أبشع الجرائم التي اُرتكبت في تاريخ البشرية كله. كما أنه من المرجح أن تعاني 15% منهن من مضاعفات الحمل أو المضاعفات المرتبطة بالولادة والحاجة هنالك ملحة إلى رعاية طبية تفتقدها نساء غزة
مما يعرضهن لمضاعفات خطيرة في ظل سوء التغذية الكارثي في القطاع ووسط ظروف قاسية يواجهنها لتوفير أدنى مقومات الحياة.
كما أن عدد الولادات المبكرة لدى النساء قد ارتفع بنسبة الثلث تقريباً بسبب عوامل نفسية مثل التوتر والصدمات، ومنهن من أجهضن نتيجة الخوف؛ ما أدى إلى ازدياد حالات الإجهاض بنسبة 300 في المائة*
.اضافة لهذه المعاناة هنالك 9100 امراة استشهدت، 19000 اصابة بين النساء، 155000 الان بين مرضع وحامل.
ولا يختلف الحال في السودان عما يدور في غزة، آلام النساء واحدة والمعاناة تزداد يوما بعد يوما هناك، مع وجود العنف بكل أشكاله الجسدي الجندري يطغى على المشهد في السودان، 4.2 مليون امراة وفتاه معرضة للعنف المبني على الجندر، مع العدد الكبير من النازحات الحوامل حوالي 150000امراة.
لم يعد الامر يحتمل السكوت، فالمرأة باتت ضحية دون رحمة او شفقه، في ظل ضعفها وقلة حيلتها تجاه ما يحدث، لم يعد بالامكان الاستمرار في دفن رؤوسنا في الرمال كالنعامة و كأننا لا نرى ما يحدث للمراة في في بلادنا، ففي كل يوم يمر نفقد امراة او فتاه كان بالامكان انقاذها، ان ما نراه في بلداننا يعكس القساوة الانسانية باستهداف الفئات الهشة الضعيفة وعلى رأسها النساء والفتيات، لم يعد بالامكان لنا الاحتفال او التغني بيوم او شهر المرأة، ونساء الاقليم تذرف الدموع دما، لم يعد ممكنا الاحتفال بيوم الأم في دولنا، والام تقتل كل يوم في غزة والسودان دون رحمة او شفقه، لم يعد بالامكان السكوت على الحرب،
ختاما بالرغم من تعذر الاحتفال بايام المرأة في شهر اذار لا بد من إلقاء التحية للمرأة ، تحية لكل أمهات العالم كلّ عام و أنتِ المُلهمة، الطموحة ،النّاجحة كلّ عام وأنتِ قوية ومُنجزة … وعسى ان تنال المرأة حقوقها كاملة…نتمنى ذلك
نشر هذا المقال في صحيفة الرأي اليوم